أخر الاخبار

هل العلم الدنيوي يعد عبادة؟ منصة العلياني

هل العلم الدنيوي يعد عبادة؟


  •  السؤال

هل يعتبر السعي في طلب العلم الدنيوي عبادة؟ وما هي شروط اعتباره عبادة مقبولة عند الله؟


  •  الإجابة

العلم في الإسلام له مكانة عظيمة، فهو يُعتبر من أعظم القربات والعبادات إذا توفرت فيه النية الصالحة. العلم الدنيوي الذي ينفع الناس في معيشتهم ويُسهم في عمارة الأرض يدخل ضمن هذا المفهوم إذا اقترن بنيّة خدمة البشرية وابتغاء وجه الله.


  • مكانة العلم في الإسلام

الإسلام دين يدعو إلى التعلم والتفكر في جميع مجالات الحياة. يقول الله تعالى:

> *"وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا"* (طه: 114).  

وهذا يدل على أهمية طلب العلم، سواء كان علمًا دينيًا أو دنيويًا، مادام في إطار ما يُرضي الله.


ويُبرز الإسلام أهمية العلم بشكل عام، حيث اعتبره النبي ﷺ من الأمور التي يثاب عليها المؤمن، وذلك لما فيها من نفع متعدٍ للفرد والمجتمع. كما قال النبي ﷺ:

> *"مَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لهُ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ"* (رواه مسلم).  


هذا الحديث يُظهر مكانة العلم ويُشجع المسلمين على السعي لتحصيله، لما فيه من رفع لمكانة الإنسان في الدنيا والآخرة.


  • متى يكون العلم الدنيوي عبادة؟

العلم الدنيوي يُعتبر عبادة إذا تحقق فيه ما يلي:


1. الإخلاص لله تعالى

  •     أن تكون نية طالب العلم هي تحقيق المنفعة العامة وابتغاء مرضاة الله.
  •    مثال: الطبيب الذي يدرس الطب لإنقاذ الأرواح، أو المهندس الذي يسعى لبناء ما ينفع الناس.


2. التزام الضوابط الشرعية

  •     أن يكون العلم المُتعلم حلالاً ومفيدًا.
  •     تجنب العلوم التي تضر المجتمع أو تنافي قيم الإسلام، مثل تلك التي تؤدي إلى الفساد أو تدمير البيئة.

3. خدمة البشرية

  •     العلوم التي تُسهم في تحسين حياة الناس، مثل الطب، الهندسة، الزراعة، والتعليم، تُعتبر وسيلة لعمارة الأرض التي أمر الله بها.


4. استحضار النية الصالحة

    قال النبي ﷺ: *"إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى"* (رواه البخاري).  

  • النية هي التي تحول العادات إلى عبادات، وهي التي تميز بين العمل العادي والعمل الذي يُحتسب كعبادة.


أمثلة على العلم الدنيوي كعبادة


1. الطب

   - مهنة الطب تُعتبر من أعظم وسائل تحقيق الخير للإنسانية. فالطبيب الذي يعالج المرضى ينال أجرًا عظيمًا إذا احتسب عمله عند الله.


2. الهندسة

   - تصميم وبناء المشاريع التي تُسهم في تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية للناس.


3. التكنولوجيا

   - ابتكار حلول تقنية تسهل حياة الناس وتسهم في تقدم المجتمع.


4. التعليم

   - نشر المعرفة وتعليم الأجيال الصاعدة، بما يُسهم في بناء أمة قوية ومتعلمة.


5. الزراعة

   - توفير الغذاء وسد احتياجات البشر في إطار يحترم البيئة ويحافظ على الموارد الطبيعية.


فوائد طلب العلم الدنيوي بنية العبادة


1. نيل رضا الله

   - السعي لطلب العلم بنية صالحة يُقرّب العبد إلى الله ويجعله من أهل التقوى.


2. تحقيق الأجر والثواب

   - كل عمل مفيد للأمة إذا كان خالصًا لله يُثاب عليه.


3. إعمار الأرض

   - العلم الدنيوي يسهم في تحقيق عمارة الأرض التي أمر الله بها.


4. نفع الأمة

   - العالم المسلم يُسهم في تقوية الأمة ورفع شأنها بين الأمم.


5. تحقيق التوازن بين الدين والدنيا

   - الإسلام يدعو إلى تحقيق التوازن بين أمور الدين والدنيا، والعلم الدنيوي هو وسيلة لتحقيق هذا التوازن.


آيات وأحاديث تدل على أهمية العلم


- قال الله تعالى:

> *"يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ"* (المجادلة: 11).

  هذه الآية تُبرز مكانة العلماء ورفعتهم في الدنيا والآخرة.


- وقال النبي ﷺ:

  > *"الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ، أَوْ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا"* (رواه الترمذي).  

  هذا الحديث يُظهر أن العلم يُضفي قيمة حقيقية على حياة الإنسان.


  • خاتمة

طلب العلم الدنيوي يُعد عبادة عظيمة إذا اقترن بنية صادقة وخدمة للمجتمع في إطار ما يُرضي الله. الإسلام لا يفرق بين العلوم الشرعية والدنيوية ما دامت تنفع الإنسان وتُسهم في عمارة الأرض. لذا، يجب على المسلمين أن يكونوا روادًا في كافة مجالات العلم، حاملين نية صالحة وأهداف نبيلة، لتحقيق الفائدة لأنفسهم ولأمتهم وللبشرية جمعاء.

> **قال الإمام الشافعي:** "العلم علمان: علم الدين وهو الفقه، وعلم الدنيا وهو الطب."


بالتالي، على كل مسلم ومسلمة أن يسعوا لطلب العلم، ويجعلوا من أعمالهم اليومية وسيلة للتقرب إلى الله، وأن يلتزموا بالقيم الإسلامية في كل خطوة يخطونها في مسيرتهم العلمية.


 المراجع

1. القرآن الكريم.

2. صحيح مسلم.

3. صحيح البخاري.

4. سنن الترمذي.

5. كتاب "إحياء علوم الدين" - الإمام الغزالي.

6. كتاب "الآداب الشرعية" - ابن مفلح الحنبلي.

7. تفسير الطبري.

8. كتاب "العلم وأهميته في الإسلام" - يوسف القرضاوي.

9. كتاب "دور العلم في بناء الأمم" - محمد عمارة.


كتبه: محمد مجدي العلياني 

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -
    محمد مجدي العلياني يعمل لدى كاتب