هل الصلاة تُقبل دون خشوع؟
السؤال
هل تُقبل الصلاة إذا أُديت دون خشوع؟ وما هو حكم ذلك في الإسلام؟
الإجابة
إن الصلاة ركن أساسي في الإسلام وأهم عبادة بعد الشهادتين. وهي الوسيلة التي تصل بين العبد وربه، والقرآن الكريم والسنة النبوية أكّدا على أهمية إقامتها بخشوع. لكن ما هو مصير الصلاة التي تُؤدى دون خشوع؟ لنفصّل هذا الموضوع من خلال النقاط التالية:
- مفهوم الخشوع في الصلاة
الخشوع يعني حضور القلب وطمأنينته أثناء أداء الصلاة، بحيث يركز المصلي على معانيها ويتفكر في كلماتها بعيدًا عن شواغل الدنيا. يقول الله تعالى:
> _"قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ"_ (المؤمنون: 1-2).
- فالخشوع هو علامة الفلاح في الدنيا والآخرة، ويعبر عن صدق العبد في عبادته.
- هل الخشوع شرط لقبول الصلاة؟
اتفق العلماء على أن الصلاة إذا أُديت بأركانها وشروطها فإنها صحيحة من الناحية الفقهية، حتى لو نقص الخشوع.
ولكن ذلك لا يعني أن الخشوع غير مهم. فهو يزيد من أجر الصلاة وقيمتها عند الله.
- الصلاة صحيحة: إذا أتم المصلي أركان الصلاة (القيام، الركوع، السجود، قراءة الفاتحة...) وشروطها (الطهارة، ستر العورة، استقبال القبلة...)
- الأجر ينقص: إذا غاب الخشوع، فقد تُعتبر الصلاة مجرد حركات دون روح.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
> _"إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ مِنْ صَلَاتِهِ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُهَا، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا..."_ (سنن أبي داود).
فالخشوع يؤثر في مقدار الأجر الذي يحصل عليه العبد.
- أهمية الخشوع في الصلاة
1. تحقيق الغاية من الصلاة: الخشوع يُجسد الهدف الحقيقي للصلاة، وهو التقرب من الله وتذكّر الآخرة.
2. ضمان القبول التام: قال ابن القيم: _"الصلاة بلا خشوع كالجسد بلا روح"
3. زيادة الأجر والمثوبة: الصلاة الخاشعة تُكتب كاملة، بينما الصلاة بلا خشوع يُكتب منها بقدر ما خشع العبد.
4. حماية من المعاصي: قال الله تعالى:
> _"إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ"_ (العنكبوت: 45).
والصلاة الخاشعة هي التي تؤثر فعليًا على سلوك العبد.
- كيف نحقق الخشوع في الصلاة؟
1. الاستعداد للصلاة:
- الوضوء بتأنٍ وتفكر.
- اختيار مكان هادئ خالٍ من الملهيات.
2. التدبر في معاني الصلاة:
- قراءة القرآن بتمعن.
- استحضار عظمة الله.
3. التخلص من الملهيات:
- إغلاق الهاتف.
- الصلاة بعيدًا عن الأصوات المزعجة.
4. تنويع الأدعية والأذكار:
- استخدام أدعية مختلفة في السجود.
5. استحضار الآخرة:
- تخيل أنك تقف أمام الله يوم القيامة.
- ما حكم الصلاة دون خشوع متعمد؟
الصلاة دون خشوع متعمد قد تكون علامة على ضعف الإيمان أو الانشغال بالدنيا. وينبغي للمسلم أن يُحاسب نفسه ويعمل على تحسين عبادته. قال الله تعالى:
> _"فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ"_ (الماعون: 4-5).
والويل هنا عقاب شديد لمن يؤدي الصلاة بلا اهتمام.
- خاتمة
الخشوع في الصلاة هو روحها وجوهرها، ومن دونه تكون الصلاة ناقصة من حيث الأجر والثواب.
ومع ذلك، فإن الصلاة صحيحة إذا أُديت بأركانها وشروطها.
لذا، يجب على كل مسلم أن يسعى لتحسين خشوعه في الصلاة من خلال تفهم معانيها والإعداد لها.
فالخشوع ليس هدفًا مستحيلاً، بل هو عادة تُكتسب بالتدريب والصبر.
> قال رسول الله ﷺ:_"وجعلت قرة عيني في الصلاة"_ (النسائي).
فاجعلها أنت أيضًا قرة عينك، تكن من المفلحين.
المراجع
1. القرآن الكريم.
2. كتاب "رياض الصالحين" للإمام النووي.
3. تفسير ابن كثير.
4. صحيح البخاري.
5. صحيح مسلم.
6. سنن أبي داود.
7. كتاب "مدارج السالكين" لابن القيم.
8. كتاب "الخشوع في الصلاة" لمحمد صالح المنجد.
كتبه محمد مجدي العلياني
اكتب تعليقك اذا كان لديك اي استفسار عن الموضوع